Overblog
Edit post Follow this blog Administration + Create my blog

Abdelhamed Sahban عبد الحميد سحبان

Abdelhamed Sahban عبد الحميد سحبان

إطلالة في سطور (2)

Posted by Abdelhamed Sahban on December 21 2022, 19:17pm

Categories: #مساهمات نقدية

إطلالة في سطور (2) موثق بمجلة دار العرب الثقافية

https://daralarab2.blogspot.com/2022/08/02.html

إطلالة في سطور (02)

على الققج بعنوان "فتنة"

للقاص العراقي مهدي الجابري

بقلم الناقد الفني الدكتور عبد الحميد سحبان

"فتنة"

"أغاظهم زفيرنا؛ انتبهوا لنا.. شايعونا مع النهار، في خلسة الليل، أشعلوا فتيلهم، تفحمنا... مازالت النيران!"

إذا كانت حرارة النار ترمز إلى حياة الإنسان بصفة عامة، فهي أصل تشكل تفاصيل مختلف الأحاسيس الملتهبة التي تدفع إلى الاضطرام الداخلي للجسد البشري، فإن الحديث الشائع عن العواطف المتقدة، يعني أن الحماسة محدد جوهري لنزعات الإنسان التي يفصح عنها بالأحاسيس المتأججة، كانفعالات تتملك الناس وتلتهمهم من الداخل. وعلاقة بهذا الموضوع بالذات، تحدث الفيلسوف الفرنسي (GASTON BACHELARD) عن النار المجَسَّدَة في الإنسان الذي يتحول إلى "نار حية" ترى وتسمع وتتألم.

القص الذي بين أيدينا استعمل النار كظاهرة جوانية للذات البشرية في تماثل مع رمزية النار لدى الفيلسوف الفرنسي المذكور في التعبير عن الرغبات والانفعالات المتسمة بالقوة والتوقد كما ورد في كتابه "علم نفس النار" (LA PSYCOLOGIE DU FEU).

1- صراع الأحاسيس النارية في الققج "فتنة"

لكل فرقة نارها الداخلية، نار الغضب بالنسبة للفرقة السائدة ونار الضيق بالنسبة للفرقة المنتفضة. أشعلت الأولى نار غضبها في فتيل أمل تحقق إخماد نار العصيان. وفي الجانب الآخر حسم أمر ضيق الساخطين عند إقرارهم "تفحمنا" بمعنى موتهم وانتهاء أمرهم. (وما زالت النيران) بين الفريقين لأنها لن تخمد منذ أن انقسمت المجتمعات البشرية إلى حاكمين ومحكومين.

2- المكر والخديعة أو النار الهادئة

على مقياس الاستعمال الرمزي للنار يعتبر المكر والخديعة من الانفعالات المتسمة بضبط النفس وانتظار الفرصة السانحة. تظهر هذه الأحاسيس، في الحذر والمراقبة الدقيقة "انتبهوا" بلغة النص، وفي التأييد والدعم "شايعونا" بلغة النص أيضا. الدعم المزيف كان بالنهار وفي أوج الهيجان والاندفاع، أما السحق فكان بالليل الذي سهل ظلامه الدامس القيام بعملية التخلص من الرعاع بتفحمهم. "ولا زالت النيران" الهادئة ساكنة في انتظار من سيأتي عليهم الدور في المستقبل، بين متحايلين ومنخدعين.

وبعيدا عن التحليل الرمزي للنار، فإن توظيف النص للمكر والخديعة، يحيلنا على الفيلسوف السياسي الإيطالي (NICOLAS MACHIVEL) في كتابة "الأمير" (LE PRINCE) الذي ينصح فيه الأمراء بلعب دور الثعلب والأسد حفاظا على سلطتهم. الثعلب للخديعة والأسد للفتك. كان منطق الثعلب المخاتل باديا في القص بالمشايعة والمهادنة نهارا حيث يصعب فيه الاحتيال، لكن في الليل الذي لا يكاد يبين تتفتح شهية المسيطرين الذين سحقوا المنتفضين بمنطق الأسد الجسور الذي لا يخاف العواقب مهما كانت وخيمة.

وبالرجوع إلى عنوان القص "فتنة" الذي نفهم منه نبذا قويا للفوضى بما يتماشى مع فكرة تحول البطش كسلوك عدواني شرس من جريرة الرذيلة إلى مقام الفضيلة المثلى، كوصية جوهرية من صاحب كتاب "الأمير" بحجة أن الفتنة مهما كان سببها قد تأتي على الأخضر واليابس، وهو ما لخصه لنا، ببلاغة ما قل ودل، حديث نبوي شريف الذي أقر بأن "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".

 

 
إطلالة في سطور (2)
To be informed of the latest articles, subscribe:
Comment on this post

Recent posts