لم يتأخر عندي انبثاق شيطان الشعر" حوار صحفي"

"عبد الحميد سحبان" قاص، روائي وكاتب صدرت له مؤخرا مجموعة شعرية بعنوان "يوميات رجل مسافر فوق اليم والياسمين". بمناسبة هذا الإصدار الجديد الذي ولج به هذا الأخير مجال الإبداع الشعري، أجرى معه الأستاذ "مصطفى عنترة" الحوار التالي:

- كيف تفسر لنا تأخر ظهور شيطان الشعر لديك، بعد أن عرفناك قاصا بمجموعتك القصصية الأولى "التعويذة" سنة 1996، وروايتك الأولى "الهجرة المعكوسة" سنة 1999 وكاتبا بمقالاتك المتنوعة في مجال القانون، السياسية، الاقتصاد والنقد الفني مؤخرا؟

+ في الحقيقة، لم يتأخر انبثاق شيطان الشعر لدى، بل لقد عرفته مبكرا كباقي كتاب الشعر. ولم يسبق أن حدث تأخره لدى مبدعي الشعر بدون استثناء، بل إنه أحيانا يظهر عند البعض منذ زمن الطفولة، لأنه يعتبر مكونا أساسيا لشخصية صاحبه يميزه ويتميز به. وقد تستغرب إذا علمت أن ما كتبته في باب الشعر، يفوق ما كتبته في ميدان النثر أضعافا مضاعفة.

- فما هو السبب إذن في إرجاء إعلان إبداعك الشعري؟

+ يعود الأمر بكل بساطة إلى خوفي من الغرق، في لجة وفرة المنتوج الشعري إبان التسعينيات من القرن الماضي، فقررت أن أخوض أولا في ميدان النثر، الذي يقل به عدد المبدعين بالمقارنة مع الكتاب في ميدان الشعر. وهو القرار الذي اتخذته سنة 1992 وأنا على وشك إصدار هذه المجموعة التي تأخرت كثيرا في الظهور.

- وما الذي دفع بك الآن إلى دخول مضمار الشعر، علما أنه لا يزال غزيرا بالمقارنة مع باقي الأجناس الأدبية الأخرى؟

+ يرتكز السبب الرئيسي في تغيير موقفي، على قناعتي بأن غزارة الإنتاج الشعري تعود إلى الدور الذي لعبه ويلعبه الشعر في إغناء وإثراء اللغة العربية، على اعتبار أنه السر في استمرارها حية اليوم وسر إخراجها للوجود كما هو معلوم.

- هل لك أن توضح لنا العلاقة بين الدور اللغوي للشعر وقرار مشاركتك اليوم في جنس الشعر؟

+ إن السبب التي دفعني إلى خوض غمار الشعر، ولو أن ذلك حدث مؤخرا، يكمن في أن القول الشعري يعتبر مساهمة في خدمة اللغة ولو لم يحقق السمو المفترض فيه. فوفرة الكتابة الشعرية تصب في اتجاه إحياء اللغة العربية، وهي عمل لاشعوري يقوم به أبناء لغة الضاد بالفطرة وليس بحثا عن التميز في هذا الجنس الأدبي. وهو الشيء الذي يجعل الوظيفة اللغوية للشعر قائمة الذات، أما وظيفته الأدبية فلا يدركها إلا القليل.

• هل أنت بهذا واثق من أنك ستكون من القلة التي ستحقق سمو القول الشعري.؟

+ قد يكون لي ذلك!!!  من يدري؟، فقد يكتب لمساهمتي أن تنفذ إلى دائرة الشعر الخالص، عبر مصفاة الذوق واللذة الفكرية الرائقة. فأملي ككل كاتب أن أوفق، وإن لم يكن لي ذلك، فلي على الأقل أجر المشاركة في إثراء اللغة العربية. ويكفيني فخــرا، أن أكــون من جنود اللغة، وأي فخر هذا !!!

- ما هي مشاريعك المستقبلية في ميدان القول الشعري؟

+ سيصدر لي قريبا في ميدان قصيدة النثر، عمل بعنوان "أنا الذي اتهمني الحب بالخيانة"، عمل يدخل في باب القصيدة الملحمية وبالتدقيق في موضوع الغزل من صنف العتاب. كما أنني أيضا بصدد تنقيح عمل آخر بعنوان "ومضات مشعة في قلب ليلة داكنة"، يدخل في باب التأمل في عملية الكتابة على الورق، كأرقى عمل ثقافي وذهني أنتجته حضارة الإنسان.

عبد الحميد سحبان شاعر، قاص، وروائي مغربي

.